إليكم أصدقائي الحلقة الأخيرة من السلسلة الشعرية "شجرة القمر"...

    الكاتب: Unknown القسم:
    تصنيف

    إليكم أصدقائي الحلقة الأخيرة من السلسلة الشعرية "شجرة القمر"...
    ~
    و جاءَ الصباحُ بَليلَ الخُطى قمريَّ البرودْ
    يتوّجُ جبهتَهُ الغسقيّةَ عقدُ ورودْ
    يجوبُ الفضاءَ و في كفِّهِ دورقٌ من جَمالْ

    يرُشُّ الندى و البرودةَ و الضوءَ فوقَ الجبالْ
    و مرَّ على طرفَيْ قدمَيْهِ بكوخِ الغلامْ
    و رشَّ عليهِ الضياءَ و قَطْرَ الندى و السلامْ
    و راحَ يسيرُ لينجزَ أعمالَهُ في السفوحْ
    يوزِّعُ ألوانَهُ و يشيعُ الرضا و الوضوحْ
    و هبَّ الغلامُ منَ النوم منتعشاً في انتشاءْ
    فماذا رأى؟ يا ندى! يا شذى! يا رؤى! يا سماءْ!
    هنالكَ في الساحةِ الطّحلبيّةِ، حيثُ الصباحْ
    تعوَّدَ ألا يرى غيرَ عشبٍ رعَتْهُ الرياحْ
    هنالكَ كانت تقومُ و تمتدُّ في الجوِّ سدرةْ
    جدائلُها كُسِيَتْ خضرةً خِصْبةَ اللونِ ثرَّةْ
    رعاها المساءُ و غذَّتْ شذاها شفاهُ القمرْ
    و أرضعَها ضوءُهُ المختفي في الترابِ العَطِرْ
    و أشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شذاهُ
    و صبَّ على لونِها فضّةً عُصِرَتْ من سناهُ
    و أثمارُها؟.. أيُّ لونٍ غريبٍ و أيُّ ابتكارْ
    لقد حارَ فيها ضياءُ النجومِ و غارَ النهارْ
    و جُنَّتْ بها الشجراتُ المقلِّدةُ الجامدةْ
    فمنذُ عصورٍ و أثمارُها لم تزلْ واحدةْ
    فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رضعَتْ؟ أيُّ تربةْ؟
    سقَتْها الجمالَ المفضَّضَ؟ أيُّ ينابيعَ عذبةْ
    و أيةُ معجزةٍ لم يصلْها خيالُ الشجرْ
    جميعاً؟ فمنْ كلّ غصنٍ طريٍّ تدلَّى قمرْ
    ~
    و مرَّتْ عصورٌ و ما عادَ أهلُ القُرى يذكرون
    حياةَ الغلامِ الغريبِ الرؤى العبقريِّ الجنون
    و حتى الجبالُ طوَتْ سرَّهُ و تناسَتْ خطاهُ
    و أقمارَهُ و أناشيدَهُ و اندفاعَ مناهُ
    و كيفَ أعادَ لأهلِ القرى الوالهين القمرْ
    و أطلقَهُ في السماءِ كما كانَ دونَ مقرْ
    يجوبُ الفضاءَ و ينثرُ فيه الندى و البرودةْ
    و شبهَ ضبابٍ تحدّرَ من أمسياتٍ بعيدةْ
    و همساً كأصداءِ نبعٍ تحدّرَ في عمقِ كهفِ
    يؤكّدُ أنَّ الغلامَ و قصّتَهُ حلمُ صيفِ
    ~
    ~ نازك الملائكة ~
    ~~~~~~~~~~~
    *شذى حريب*

                                                         

    ~

    ضع تعليق